LightReader

Chapter 4 - أسرار المدينة المفقودة

اقتربت ليلى من القصر بخطواتٍ مترددة.

كان القصر ضخمًا، جدرانه سوداء تبتلع الضوء، وأبراجه تلتفّ كالأفاعي نحو السماء الرمادية.

كلما اقتربت أكثر، خفَّ بريق القلادة التي تحملها، كأنّ الظلام كان يختنقها.

وقفت أمام البوابة الحديدية، فرأت عليها نقشًا غريبًا يقول:

"من يدخل بلا قلب، يخرج بلا روح."

مدّت يدها المرتجفة، ولمست النقش — وفجأة، انفتحت البوابة بصريرٍ طويل، ولفحها هواء بارد كأنّه أنفاس ميتة.

دخلت ببطء، والكتاب في يدها يضيء كشمعة في بحر من العتمة.

في الداخل، كان كل شيء يتحرّك ببطء:

الظلال تتدلّى من السقف كأنّها قطرات من ليلٍ سائل، والهمسات تدور حولها:

"عودي يا ليلى... النور لا يعيش هنا..."

لكنها تابعت سيرها حتى وصلت إلى قاعة واسعة فيها عرشٌ من الزجاج الأسود،

وعليه يجلس ملك الظلال، طويل القامة، وجهه لا يُرى، وعيناه مثل جمرتين في ليلٍ أبدي.

قال بصوتٍ يزلزل الجدران:

"لقد عبرتِ الحدود يا حاملة النور. ماذا تريدين؟"

أجابت بشجاعةٍ رغم خوفها:

"أريد المفتاح الأول… مفتاح الذاكرة."

ضحك ضحكةً داكنة:

"الذاكرة؟ إن كنتِ تجرئين على استعادتها، فشاهدي ما نسيه العالم."

ثم لوّح بيده، فامتلأت القاعة بصورٍ من الماضي — بشر يطفئون أنوارهم بأيديهم، قلوبهم يملؤها الجشع، والكذب، والخوف.

همست ليلى:

"لهذا سرقت النور… لأنهم أضاعوه بأنفسهم."

قال الملك:

"أنا لم أسرق شيئًا… أنا فقط احتفظت بما تخلّوا عنه."

رفعت ليلى الكتاب، فاشتعلت صفحاته بضوءٍ نقيّ، وتحوّل الخوف إلى إصرار.

قالت وهي تقترب:

"لكن ما دام فيهم من يؤمن بالنور… فلن يختفي أبداً."

أطلقت من الكتاب شعاعاً أزرق اخترق العرش، فانفجرت الظلال في كل الاتجاهات،

وفي وسط الدخان، سقط مفتاحٌ صغير من الضوء في يدها.

سمعت صوتًا بعيدًا يقول:

"هذا هو المفتاح الأول… لكن الطريق ما زال طويلاً."

ثم اختفى القصر من حولها، ووجدت نفسها في حقلٍ مضاءٍ بآلاف الأزهار المضيئة.

وكانت القلادة تلمع من جديد، تشير نحو اتجاهٍ جديد… نحو برج الزمن.

More Chapters