LightReader

Chapter 43 - فوضى

(تكملة الاحداث في القرية)

نهظ جيسي من مكانه بهدوء و ملامح الجدية هيمنت عليه،اخذ نفسا عميقا ثم سأل ميرا قائلا"اتعرفين مكان ماركوس حاليا؟ربما تكون لديه فكرة عن مكانهم".

لترد عليه الاخرى بينما تنهظ من الكرسي قائلتا"اجل،انه بالبوابة الرئيسية كالعادة يترأس اصلاحها".

و دون زيادة في الكلام انطلق جيسي متوجها ناحية موقع ماركوس.

تصلبت ميرا لعدة ثواني ناظرتا الا السقف بمزيج من الحزن و التوتر بينما تقول في داخلها"اشعر بالعار كوني سمحت لهذا بالحصول...من المفترض انني القائدة و يجب علي ضمان امن البقية حتى لو كانو بارعين مثلهم،لكنني لن استسلم و سأساعدهم مهما كلفني الامر."

ارجعت ميرا انظارها نحو الباب لتجد ان جيسي قد ابتعد بالفعل من المكان،لتقوم بالجري مباشرة نحو نفس وجهته لعلها تلتقي به في وسط الطريق.

لكن رغم ابتعاده عنها لمسافة طويلة،لم يكلفها الامر دقيقة واحدة حتى استطاعت الوصول اليه.

توقفت بجانبه بهدوء،مربتتا على ظهره و في وجهها صغيرة لكنها متعبة.

التف جيسي نحوها بأعين متعبة وقال بنبرة هادئة "ظننت أنك ستبقين هناك"

أجابت ميرا بنبرة مازحة"ههههه فقط انغمست بالتفكير"

أومأ جيسي برأسه بهدوء، وأكملا سيرهما سويًا عبر الطريق المثلج، تمرّ خطواتهما بصمتٍ لا يُسمع فيه سوى صوت ارتطام أحذيتهما بالثلج المكدّس.

فور وصولهما للبوابة،ليقابلهم مجموعة من الرجال يعملون بجد محاولين اصلاح البوابة.

خيوط حول البوابة الضخمة،يتم سحبها ليعاد تركيبها،اصوات صراخ و اوامر تتردد بمكان العمل.

اقترب جيسي من احد العمال ذو ملابس شتوية تقيلة، متسخة بالتراب، يحمل صندوقا مليئا بالمسامير بيده اليمنى و مطرقة بيده اليسرى مناديا اياه قائلا"اعذرني يا صديق"

لم يسمعه الرجل بالبداية،لكن جيسي قام بإمساك كتفه و طلب الحديث معه من ما جعله يلتف ناحيته بإستغراب.

قال الرجل بمزيج من التعب و التسائل"ما حاجتك؟"

ليرد عليه جيسي بينما يضع يده على صدره"اسف لإزعاجك لكن ايمكنني سئالك عن مكان ماركوس؟"

رد عليه الرجل و القلق و الاشمئزاز ظاهرة على عينيه"يعق،لماذا تود الذهاب الا ذالك المريض؟"

رد عليه جيسي"فقط اود سئاله عن شيئ مهم"

ليرد عليه الرجل و عينيه تظهر قلقا اكثر"لا اعرف ما الذي تريده من هذا الشخص لكن اسمع،خذها نصيحة من شخص قديم في هذا المكان،ابتعد عنه إن كنت تملك ذرة عقل، هذا الرجل لا يفقه سوى العنف و الترهيب،لذالك كن حذرا بالتعامل معه"

ليرد عليه جيسي بينما يحاول انهاء الحديث"حسنا شكرا على نصيحة،لكنني احتاجه فعلا الان"

اخذ الرجل نفسا عميقا ثم اشر ناحية احد الاكواخ بالجوار قائلا"انه على الاغلب بذالك الكوخ"

أومأ جيسي برأسه سريعًا شاكرًا،ثم تقدم مباشرة ناحية مكانه.

فور وصولهم للكوخ،دخل جيسي مباشرة دون مقدمات و في عينيه مزيج من الغضب و الشك.

و في الجهة المقابلة كان ماركوس جالسا في شيئ اشبه بالمكتب،مشبكا اصابعه بينما ينظر ناحية الباب،من خلف قناعه و كأنه دمية بلا روح.

تقدم جيسي ناحيته بخطوات ثابثة،ليضع يديه على الطاولة بحزم قائلا بنبرة مليئة بالشك تجاهه"ماركوس"

رفع الاخر رأسه ببطئ ناحيته قائلا بنبرة هادئة خالية من اي تعبير"جيسي...ارا انك على عجلة من امرك_"

ليقاطعه جيسي قائلا"ايثان و البقية،اين هم؟"

ليجاوبه ماركوس بنفس البرود"و ما ادراني؟"

ليكمل الاخر حديثه"تتكلم و كأنك لست من قام بخطفنا بالمقام الاول"

تنهد ماركوس بهدوء ثم رد عليه"تقول انك تشك في انني من قمت بخطفهم اذا...تفكيرك جيد،لكن متسرع،لماذا قد اقوم بإعادة خطفكم مجددا على اية حال؟"

ليجاوبه جيسي"من يدري ما الذي يدور في ذهنك،لكني لن استغرب اذا اعدت القيام بفعلتك تلك"

صمت ماركوس للحظة،قبل ان ينهظ من كرسيه بهدوء و يبدأ بالمشي خارج الكوخ قائلا اثناء ذالك موجها كلامه لجيسي"لا اظن ان الكلام معك قد يصل لأي نتيجة،لذالك افضل ان اعطيك ادلة مادية لكي تصدق،هيا اتبعني"

خرج ماركوس من الغرفة،بينما تبعه جيسي و الاستغراب والشك لا يزالات يخيمان على قلبه.

في الخارج كانت ميرا تكلم مجموعة من العمال،تضحك،و تدردش معهم.

فور ملاحظة العمال لماركوس،اعتذرو لميرا و رجعو لعملهم بسرعة قبل ان يلاحظهم.

التفت ميرا للوراء لتجد جيسي يتبع ماركوس من ما اثار استغرابها،لتوقف ما كانت تقوم به و تتوجه ناحيتهم.

فور وصولها سألتهم بنبرة مازحة"اوصلتم للحل بهاته السرعة؟"

ليرد عليها ماركوس بهدوء"بل لازلنا نحاول زرع الثقة"

ظهرت علامات الاستغراب والقلق على وجه ميرا، لكنها لم توجه سؤالها مباشرة، بل قالت بنبرة حائرة"جيسي ما الذي يقصده"

نظر جيسي نحوها لثوانٍ، ثم حول نظره إلى ماركوس وقال"انت تعرفين ان ماركوس قام بخطفنا فيما سبق،لذالك قد راودني الشك انه قد قام بها مجددا،لا اعرف لما،لكن نسبة ذالك كبيرة"

حكت ميرا رأسها في حيرة قبل ان ترد عليه قائلتا"حسناا...يبدو منطقيا بعض الشيئ"

بعد مدة قصيرة من المشي،رجعو مجددا لمركز القرية،من ما جعل جيسي يحس ببعض الاستغراب،دخلو لداخل.

بقي كلاً من جيسي و ميرا واقفين امام المدخل،في حين اكمل ماركوس مشيه ناحية المكتب بنهاية الغرفة.

وجه انظاره ناحية جيسي ثم قال له بنبرة باردة"ما الذي تفعله بالوقوف هناك؟هيا اقترب"

تردد جيسي لثوانٍ، تبادل خلالها نظرة سريعة مع ميرا، ثم تقدّم ببطء نحو ماركوس بينما ملامح الحذر لا تزال مطبوعة على وجهه.

فجأة تحرك ماركوس و كأنه يقوم بسحب شيئ ثقيل،ليسمع مباشرةً فتح قوي،من ما اثار استغراب جيسي.

اقترب بسرعة ناحية مكانه لينصدم من بوابة حديدة دائرية الشكل تحت المكتب.

اكمل ماركوس فتح البوابة الحديدية بصوت صرير معدني مزعج، ثم أشار بيده نحو الأسفل حيث ظهرت سلّم معدني مستقيم يهبط إلى عمق مإلى عمق مظلم يرا في اخره نقطة صغيرة من الضوء.

ثم بهدوء و بدون مقدمات،هبط ماركوس لداخل،مختفيا في ظلماة الهاوية.

التف جيسي ناحية ميرا في صدمة،ليجد ميرا تتوجه هي الاخرى لداخل.

ثم قالت له محاولتا طمأنته"لا داعي للقلق،المكان امن بالاسفل"

لتهبط هي الاخرى لداخل تاركتا جيسي لوحده،ينظر الا الاعماق بحذر.

ليأخذ بعدها نفسا عميقا،بينما يستعد للهبوط،ليبدأ بالنزول بحذر،خطوة خطوة،حتى بدأ الضوء الخافت في الأسفل يتسع في عينيه مع كل خطوة.

كان الهواء بالأسفل أثقل، مشبعًا برائحة الرطوبة والخرسانة القديمة. لم تمضِ لحظات حتى وصل جيسي إلى الأرضية الحجرية أسفل السلم.

حيث وجد ممرًا واسعا تحت الأرض يحتوي على سلمين يمتدان لأسفل في اتجاهين متقابلين. الجدران والأرضيات مصنوعة من الخرسانة الخام، هناك دوائر غريبة تقوم بإنارة المكان بنور قوي على طول السقف، و ابواب متنوعة تقع في مختلف درجات السلالم.

فور هبوطه وجد كلاً من ميرا و ماركوس في انتظاره امام السلالم.

وجه ماركوس انظاره ناحيته ثم قال له بنبرته المعتادة"تأخرت كثيرا،هيا فل نسرع،لدي اشغال بالاعلى"

همس جيسي وهو يقترب و الصدمة تملئ معالم وجهه،في حين ما كان ينظر بالارجاء بفضول."ما هذا؟...كيف قمتم بصنع كل هذا تحت الارض؟"

ليرد عليه ماركوس بينما ينزل بالدرج للأسفل"لم نصنع شيئا من هذا،انها ملاجئ حرب قديمة،عفا عليها الزمن"

ترددت اصوات خطواتهم بالمكان،ومع كل خطوة،زاد فضول جيسي وانصهرت مخاوفه تدريجيًا مع رغبته في فهم ما يحيط به.

توقف ماركوس عند احد الابواب، أمام باب معدني ضخم تعلوه طبقة من الصدأ،ليقوم بفتحه ببطئ،كاشفا عن غرفة مربعة ذات جدران معدنية بلون رمادي قاتم،في اخرها باب بنفس اللون.

فور رأية جيسي للمكان،انتعشت ذاكرته متذكرا اياه،ليقول بعدها بنوع من الكتمة و الصدمة"مهلا لحظة،هذا نفس المكان الذي حبستنا فيه المرة السابقة"

ليرد عليه الاخر"نعم،لكن هذه المرة... لن تُحبس هنا،لديك كامل الحرية لإستكشاف المكان الا ان تختفي شكوكك تلك"

تقدم جيسي لداخل، ماشيا وعيناه تدوران في أرجاء الغرفة كأنها تعيد سرد ذكريات ثقيلة.

ليبدأ بتفتيش المكان،فاتحا كل باب في طريقه،مراقبا كل زاوية،متذكرا اليوم الذي كان فيه هنا مع ايثان،و اول لقاء بينهم و بين جيني و نيكولاس.

فجأةً اثناء بحثه،فتح احد الابواب،ليجد نفسه بغرفة كالغرف السابقة لكنها أضخم مع 3 أبواب أخرى باستثناء بابهم ومع باب ضخم في آخرها.

ليتذكر مباشرة انها نفس الغرفة التي ارغمهم فيها ماركوس على قتال المتجولين حتى الموت.

كانت الدماء لا تزال منتشرة بالأرجاء،و رائحة الجثث هيمنت على المكان.

قال جيسي و في وجهه ملامح الاشمئزاز،بينما وضع ملابسه فوق انفه محاولا ايقاف الرائحة من الوصول اليه"(كح قوي)،ما هاته الرائحة؟الم ذالك الوغد بتنظيف المكان حتى،(كحة)يا رجل حتى جثة الغريب لا تزال تتعفن هنا"

فجأةً لمح جيسي من بعيد جثة الرجل ذو قبعة شتوية و هي لا تزال مغطية بوشاحه،من ما اثار غضبه بسبب ان لا احد قام بإحترام جثثته و دفنه على الاقل.

اقترب جيسي من جثثته ببطئ،داهسا على احشاء و دماء المتجولين بالمكان مع كل خطوة يخطوها.

انحنى بجانبه، وأزال الوشاح بلطف عن وجه الجثة مقطوعة الرأس،لتظهر ملامح الرجل التي بدا و كأنها بدأت بالتحلل.

ظل جيسي ينظر إليه لعدة ثوانٍ، ثم همس بندم"سامحني...كان يجب أن لا تكون نهايتك هكذا"

سمع خلفه خطوات ميرا وهي تقترب منه ببطء، ثم قالت بمزيج من الحزن و الغضب بينما تضع يدها على انفها و تلوح بيدها الثانية بسبب الرائحة"بجدية!الم يقم ذالك الداع*ر ماركوس بتنظيف المكان"

التف جيسي ناحيتها بهدوء ثم قال لها بهدوء"ميرا...ايمكنك استعمال قدراتك تلك و محاولة اخراج هذا الشخص من هذا المكان...و تقديم دفن مناسب له"

اكتفت جيني بهز رأسها بالموافقة و في ملامحها الحزن و الشفقة،و فجأة حولت ذراعها اليمنى لشكل اشبه بيد ضخمة،اشبه بأيادي الوحوش،لتقوم بعدها بتحويل يدها اليسى لشكل اشبه بالمجسات،تحت انظار جيسي الممزوجة ما بين الرهبة و الانبهار.

حملت جيني الجثة بيدها اليسرى،بينما استعملت المجسات لتسلق الحفرة التي قامت بحفرها فيما سبق بالسقف تاركتا جيسي لوحده.

نهض جيسي من على الارض،يمسح على ملابسه الملطخة ببعض الدماء القديمة.

خرج جيسي من الغرفة وهو يجرّ خطواته الثقيلة، استقبلته رطوبة الممرات ببرودها المعهود، لكن عقله كان يشتعل بأسئلة لا تُعد.

في الخارج، كان ماركوس ينتظره مستندًا إلى الجدار،ينظر الا الارض و كأنه قد غاص بالنوم.

قال له بهدوء دون أن ينظر إليه"هل أزال ذلك شيئًا من شكوكك؟"

ليرد عليه جيسي و في عينيه الغضب"أزال بعضها...لكن لا يزال المكان اوسع من مجرد غرف عشوائية"

دفع ماركوس نفسه بعيدا عن الحائط ليرد عليه مباشرة"اذا ما الذي تخطط لفعله الان؟البحث بكل شبر في هذا المكان؟"

بقي جيسي صامتا دون اجابة،بعد ان ادرك ان الامر لن يكون بتلك السهولة.

و لكن،و على غير غرة،بدأ الاثنان بسماع صوت خطوٍ من السلالم،ليتوقّف الحديث بين ماركوس وجيسي فورًا، ووجّها أنظارهما نحو مصدر الصوت.

ليجدا صاحب كشك حساء الفطر،يتّكئ على السلم ببطء، يزفر مع كل خطوة كأنه قطع شوطا طويلا للوصول.

اخذ نفسا عميقا ثم همس بنبرة تعبة"(يتنفس بتعب)اكره هاته السلالم الحقيرة"

ضاق جيسي عينيه محاولًا تمييز ملامحه،ليقول بعدها بصوت مستغرب"خالد؟!ما الذي تفعله هنا؟كيف تعرف بهذا المكان؟"

رفع العجوز رأسه ناحيته بإنهاك،لتظهر على وجهه مزيج من الصدمة و السرور بينما يقترب ناحيتهم"اوه جيسي!هاهاها(نفس عميق)سمعت اصواتكم بالاسفل لذالك جائني بعض الفضول لمعرفة ما يحدث،لكني لم اتوقع ان اجدك هنا...خاصةً مع هذا"

تقدّم جيسي نحوه بخطوتين، لا تزال علامات الشك مرسومة على وجهه، ثم قال بنبرة تحمل بعض الحدة"خالد، هذه ليست منطقة يمكن لأي أحد التجوّل فيها... كيف تعرف عنها؟"

ضحك خالد ضحكة قصيرة ثم وضع يده على ظهره بتأوّه قائلا"هاهاهاها ما الذي تقصده يا رجل؟،الجميع يعرف عن هذا المكان،و يمكن لأي احد التجوال فيه طالما لديه مشروع مفيد بالقرية هنا"

تغيرت ملامح جيسي للإستغراب قبل ان يكمل كلامه في حيرة"انتظر لحظة، ماذا تقصد بـالجميع يعرف؟انا لم ارا اي احد يذكر سيرته طيلة فترة مكوتي بالقرية"

ليرد عليه الاخر بنبرة ساخرة"هههههه فقط اتبعني سأريك شيئا رائعا"

نظر جيسي إلى ماركوس بأعين حذرة،لكن ماركوس اكتفى بالالتاف بعكس اتجاههم قائلا"ليس لدي شيئ لأفعله معك،سأعود الا عملي،خالد يعرف المكان جيدا لذا حظ موفق في بحثك المفرغ"

ليبدأ بالمشي خارجا من المكان.

حاول جيسي ايقافه مقتدما نحوه بغضب قائلا"اين تظن انك ذاهب؟لم ننته بعد من البحث"

ليرد عليه الاخر دون النظر اليه"ابحث مع خالد،انه يعرف المكان افضل مني،و ان وجدت شيئا عد لقتلي او مهما كان ما تريد فعله"

تجمّدت خطوات جيسي لثوانٍ، حدّق في ظهر ماركوس وهو يبتعد دون أن يلتفت، ثم أدار رأسه إلى خالد الذي ما زال واقفًا بابتسامته المعتادة،منتظرا اياه.

اثناء سيرهم،بادر خالد بالكلام كاسرا الصمت في المكان"قد يبدو المكان لك مجرب ملجئ فارغ عفا عليه الزمن منذ زمن طويل،لكن هذا المكان يعتبر المركز الاقتصادي الاعظم بالقرية"

رد عليه جيسي محاولا فهم المزيد عن المكان"اشرح اكثر من فضلك"

اكمل خالد كلامه بنبرة بشوشة"لا داعي للعجلة سأخبرك كل ما تريده،المهم فكما تعلم المنطقة التي نحن فيها منطقة ميتة ترابيا،التربة غير خصبة و لا تصلح لزراعة،لا حيوانات ولا نباتات،من ما يجعلها مكانا اسوء من السوء لصنع مكان يمكن توفير فيه مواد غذائية متجددة للمواطنين،و لكن من جهة اخرى،كونها ارضا ميتة فالوحوش التي بالخارج نادرا ما تزور هاته المناطق،من ما يجعلها امنة بشكل شبه كامل"

قاطعه جيسي بإستغراب"لطالما تسائلت لماذا تم بناء هاته القرية بالتحديد في هاته البقعة،و كلامك يبدو منطقيا بشكل غريب،لكن ما دخل هذا بالملجئ تحت الارض و الاقتصاد على اية حال؟"

رد عليه خالد بمزيج من البشاشة و السخرية"توقف عن كونك متسرعا يا رجل سأصل الا هذا الان،المهم اين كنا؟حسنا تذكرت،و هنا يأتي دور هذا الملجئ،فمن حُسن حظّنا أن هذا الملجأ القديم كان يحتوي على نظام تهوية ممتاز،بالاضافة انه متصل على ما يبدو من مصدر مياه غير معروف،يرجّح البعض أنه نابع من خزان جوفي قديم أو بقايا بنية تحتية تعود لعصر ما قبل الانهيار،لكن هذا ليس مهما بالوقت الحالي،فالماء يصل على اية حال،وهذا وحده كان كافيًا لجعلنا نصنع القرية فوق الملجئ مباشرةً"

توقف لوهلة، ثم أكمل بصوت منخفض لكن نبرته فيها فخر"وهكذا بدأت التجارب. في البداية، حاولنا زراعة نباتات بسيطة، خضروات سريعة النمو، لكن فشل أغلبها بسبب قلة التربة المناسبة وضيق المساحة،إلا ان جائتني فكرة عبقرية،كنا نحتاج شيئا لا يحتاج لضوء، لا يحتاج لتربة خصبة، لا يحتاج لمساحة واسعة... فقط رطوبة، حرارة مناسبة"

رفع جيسي حاجبيه بابتسامة صغيرة ثم رد عليه "دعني اخمن،الفطر"

ليرد عليه الاخر بإبتسامة واسعة و نسبة الحماس بدأت بالارتفاع"بالضبط جيسي،الفطر،لكن المشكلة الاكبر هي،كيف سوف نزرعه اذا لم يكن لدينا اصلا،و هنا جاء دوري،فقد كنت اعمل مزارعا حتى قبل نهاية العالم،لذا لم يكن غريبا ان احتفض بمختلف البذور لحالات طوارئ،و هنا بدأت مشروعي المربح في نهاية العالم"

فجأة التف العجوز ناحية احد الابواب المفتوحة بالجوار،داخلا اياه بينما يتبعه جيسي من ورائه.

داخلين لغرفة واسعة، ذو حواف مائلة بالجدران الخرسانية،ذو فتحات بحجم البيبان،متباعدة 5 امتار عن كل واحدة،و في الممر يمتد الا نقطة حيت تتوسع مساحة الجدران،حيث لا يرا سوا الطريق المحاط بمياه في كل الاتجاهات،في اخره مصعد صدئ يبدو عليه القدم و الرجال في المكان كل واحد يهتم بأعماله الخاصة،بعضهم يحمل صناديق مختلف محتوياتها.

بطاطاس،بصل،فطر و الخس. 

فور دخولهم للمكان،سلطت الانظار ناحيتهما لمدة الوقت،البعض اشاح بنظره بعد عدة ثواني،و البعض الاخر ظهرت على مرأاهم مختلف التعابير الايجابية تجاه خالد.

أحد الرجال من الجانب الأيسر رفع صوته قائلاً بنبرة مبهجة"خالد ما الذي وجدته هناك؟طفل متطفل ام مذا؟"

ليرد عليه خالد و الابتسامة لا تفارق وجهه"لا بل صديق يحتاج لبعض المساعدة"

اقترب احد رجال ناحيته،ماداً يده لمصافحته و الاحترام و التقدير واضح على تصرفاته قائلا برسمية"سيد خالد،بفضلك عملك و عمل الاخرين،يبدو ان محصولنا من الغذاء هو الاكبر منذ تأسيسه،حيث ان المحصول الحالي يضاهي مجموع ال3سنوات السابقة،بهذا المعدل فلن نعاني من اي مجاعة لسنوات"

مد خالد يده نحوه،مصافحا اياه بكل تقدير و احترام،رادا عليه بودية"هذا يسر قلبي يا صاحبي،الان يمكن للجميع اكل ما يشاء كالايام الخوالي،دون الاهتمام للكمية،احسنتم جميعا!"

ليرد عليه الاخير و ابتسامة خفيفة ارتسمت في فمه"لم يكن ليحصل اي من هذا لولاك يا سيدي،فأنت من علمتنا جميعا كيفية الزراعة،و و وفرت لنا البزور للمحاصيل،لذالك فالفضل يعود لك بالاول و الاخير"

أطلق خالد ضحكة بشوشة ممزوجة بسعالٍ متقطع ثم اجابه"لا تبالغ هكذا انا لست بتلك الفائدة،فالفضل لكم انتم،لولا عملكم الجاد لم تكون لتلك البذور اي فائدة سوا طعاما للعصافير،فأنا رجل عجوز كما ترا و من الواضح انني لن استطيع فعل هذا بنفسي"

هز الرجل رأسه بإحترام،تحت انظار الرجال الاخير من حوله الذين شاركوه نفس النظرة تجاه خالد.

اثناء كل هذا كان جيسي بالخلفية يراقب كل هذا بمزيج من التقدير تجاه خالد و القلق تجاه ايثان،قائلا فيما بعد بنبرة حازمة"اعتذر عن تخريب مرحك مع اصدقائك،لكن هناك وقت لتضييعه اكثر"

التفت خالد و مجموعة من الرجال نحوه بإستغراب.

ليكمل جيسي كلامه"ارأيتم اي شخص هنا،قصير القامة قليلا بهذا الحجم،اصلع الرأس،يبدو كطفل عمره 13،اسمه ايثان ان كنتم قابلتوه،مع فتاة،و جوزيف"

ليرد معضم من سمعوه بالنفي،و انهم لم يجدو اي احد بهاته المواصفات،و انهم اخر مرة قد شاهدو جوزيف خارجا في نفس ليلة اختفائهم،من ما زاد من يأس و قلق جيسي،حاول وصفهم اكثر،سئال كل واحد على حدا،لكنه لم يصل لأي نتيجة.

بالاخير اتكأ جيسي على الحائط الخرساني،واضعا اصابعه حول عينيه ،يحس في اعماقه باليأس و العجز كون كل الحلول التي بين يديه قد انتهت بالكامل.

همس فجأة بنبرة بإستسلام"الوضع مييئوسٌ منه،بحدث في كل مكان يخطر على البال،تطفلت على اكواخ المواطنين،بحدث بعيدا خارج القرية في كل مكان،و الان في اعماق القرية نفسها،و لازلت لم اجد دليلا واحدا..."

لاحظ خالد حزن جيسي،من ما دفعه للقلق حوله.

اقترب منه ببطئ واضعا يده فوق كتفه"3 ايام دون توقف و انت تبحث عن المفقودين،يجب ان اعترف انك رجل متابر بحق"

ليرد عليه جيسي بهدوء"و لم اصل لأي نتيجة نافعة"

حك خالد رأسه،و عدم الارتياح بدأ يتسلل لجسده القديم.

بعد مرور عدة ثواني من التفكير العميق،اقترح خالد حلاً اخيرا"اسمع،ما رأيك بأن نسأل احد اصدقائي عنهم،لقد كلمني مأخرا عن ذالك الطفل ايثان،مادحا اياه كل مرة اقابله بها،قد تكون له معلومة ما قد تفيدك"

نظر جيسي اليه لبرهة،قبل ان ينهض من على الجدار،متشبتا بأي امل بالوصول اليهم قائلا بنبرة هادئة"لا يوجد ضير من التجربة"

هز خالد رأسه بهدوء،ثم استدار للوراء،بادئا بالتقدم للأمام،دخل خالد الممر المؤدي إلى المصعد الصدئ، خطواته بطيئة وثابتة،يسمع صداها بالارجاء، وجيسي يتبعه عن قرب، لا يزال مزيج التعب والقلق واضحًا على وجهه. اقتربا من المصعد، باباه المعدنيان متآكلان جزئيًا من الصدأ.

نظر خالد ناحية احد اصدقائه بالمكان،لتتقابل عيناهما مباشرة فور ذالك،اشر خالد نحوه ليقوم بتشغيل المصعد.

هز الرجل رأسه بالموافقة،ليبدأ بالمشي ناحية احد الغرف،مختفيا داخلها،و بعد مرور 40 ثانية،سمع صوت غريب بالارجاء،أصوات أنابيب تتحرك، صفير ضغط يتراكم، وخرير مياه يُدوي في الممرات الخرسانية.

فجأة ظهرت ذراع الرجل خارجة من المكان الذي دخل اليه مأشرا له بالانطلاق.

دخلا المصعد، وأُغلقت الأبواب ببطء خلفهما، ليبدأ الهيكل الحديدي بالاهتزاز الخفيف والارتفاع، تصحبه خريرات مياهٍ مضغوطة تنساب عبر الأنابيب.

رغم رأية جيسي لهذا النوع من الات لأول مرة في حياته،لكنه همومه حجبت عنه الاندهاش او الفضول،بل غطيت عيناه بالقلق و اليأس.

بدأ خالد بالحديث محاولا كسر الصمت بينهما"ما رأيك بهذا المصعد؟انه نوع نادر من المصاعد الهيدروليكية،يعمل على ضغط المياه،تم اختراعه بالحرب العظمى من قبل دول الشمال،نظرا الا ان خصومهم كانو يتعمدون قطع الكهرباء عليهم،من ما جعلهم يفكرون في صنعه، يستهلك وقتًا أكثر لكنه كان اكثر امانا في الحرب."

لكن كلماته لم تحرك شيئا في نفس جيسي،الذي اكتفى بالرد ببرود"جميل"

نظر خالد اليه بإستغراب،ثم رفع كتفيه بنفس طويل قائلا في نفسه"من الافضل ان اظل صامتا"

مرت الدقائق بسرعة،ليتوقف المصعد فجأة مع ارتجاج بسيط، ثم انفتحت أبوابه لتكشف عن غرفة صغيرة،بشكل طبيعي،كأي كوخ بالقرية،ما عدا ان لديها بابا معدنيا و الشبابيك مقفلة،مانعتا الضوء من الدخول،فقط شقوق صغيرة يتسلل من خلالها الضوء هي ما تنير ظلمة المكان.

تقدم خالد ناحية الباب فاتحا اياه بكل هدوء،مدخلا نور الشمس للكوخ.

بدأ خالد يمشي بخطوات واثقة نحو ساحة القرية الخالية، عيناه تتجولان بحيرة نحو حقل الأزهار على جانب الطريق. استنشق عبيرها المنعش، فملأ رئتيه بهواء نقي كأنه يستعيد روحه.

التفت نحو الجهة الخلفية للساحة، متجهًا بقصد نحو الباب الذي يؤدي إلى غرفة الحداد. بدأ يهبط الدرجات إلى الأسفل، خطوة تلو الأخر.الا ان لمست قدماه نهايته.

ليجد العجوز جالسا على كرسيه،ملابسه مليئة بالعرق و الاوساخ،ماسحا جبينه من العرق،و التعب واضح على وجهه.

فور دخولهما،ركز العجوز انظاره ناحيتهما بإستغراب،لتتغير بعد ذالك لسرور فور رأيته لخالد.

نهظ من على الكرسي،و توجه ناحيته معانقا اياه بقوة قائلا بضحك و ابتهاج"هوهوهو،مرحبا بك مجددا يا صديقي العزيز،لقد كنت اشعر بالملل من الرائع قدومك"

رد عليه الاخير بمزيج من البهجة و الارتباك قائلا"ليست هناك مشكلة ايها العجوز،لكننا نحتاج لمساعدتك قليلا"

ضحك الحداد ضحكة خشنة،ممزوجة بصوت السعال الذي يعكس سنوات عمله في جو مشبع بدخان النيران،قال بنبرة فيها شيء من السخرية المرحة، وهو يفرك يديه المجهديتن"اطلب ما تشاء يا عديم الاسنان"

تقدم جيسي ناحية العجوز،بوجه كله جدية،قائلا"كل من ايثان و جوزيف و نيكولاس قد اختفو قرابة اليومين اثناء حراسة ليلة عندما كسر الباب الرئيسي،الديك اي معلومة مفيدة عن اختفائهم؟"

بقي العجوز لبرهة،متذكرا كل الاحداث التي حدثث معه بالاونة الاخيرة لعله ينفعه بشيئ ما.

بعد لحظات من الصمت،المشحونة بالقلق و التوتر من طرف جيسي،الا ان بدأت ملامح القلق ترتسم عليه،و كأن موجة من الذكريات السوداء اجتاحته.

رفع العجوز رأسه ناحيتهم بتوتر قائلا بصوت يحمل بعض الندم"لست متأكدا ان كان للأمر علاقة،لكنه قد يكون مفيدا لك"

توسعت عينا جيسي بإنتباه،قائلا بنبرة مليئة بالاهتمام"اخبرني كل ما تعرفه!"

أصدر العجوز كحة خافتة قبل ان يبدأ بسرد ما حدث له"كل شيئ كان طبيعيا،كنت اقوم بهوايتي كالعادة،اقوم بالحدادة،صانعا مختلف الاسلحة التي احب،حتى ظهر ذالك الطفل...اظن ان اسمه نيكولاس،فور تلاقي عينينا مع بعضهم البعض،لم استطع ان ارا سوا الحقد و الغضب في عينيه،من ما جعلني اظن انه يسعى لي لسبب لا اعرفه،امسكت احد سيوفي و طلبت منه ان يخبرني بغايته،و ما الذي يريده مني،ليخبرني مباشرة فيما بعدها انه ارادني ان اصنع اسلحة له،بالبداية رفضت كوني ظننت انه يسعى لإرتكاب جريمة ما،لكن سرعان ما تغير رأيي عنه عندما سرعان ما اخبرني عن السبب الحقيقي لطلبه."

تنهد العجوز لبضعة ثواني،معدلا جلسته، قبل ان يكمل كلامه"إنه احد ضحايا هائلاء الهمج،الكاتوران،اخبرني كل شيئ سيئ فعلوه له و لشعبه،و الحياة البائسة التي اضطر لعيشها طيلة حياته...من ما جعل الامر واضحا،انه يحمل في صدره حقدا و كراهية لا متناهين تجاه الكاتوران،و شعور بالمسئولية كونه الشخص الوحيد القادر على انقاذ شعبه المستعبد...حتى لو كان هدفه خطيرا،لكن هذا لا يعطيني الحق لمنعه او عدم مساعدته،لم اعاني مثله،حاولت بالبداية اقناعه بالتراجع عن فكرته،لكن سرعان ما ادركت انني احاول اقناعه بترك كل احبائه و عائلته في عذاب مستمر،بينما يبقا هو لوحده مستمتعا بحياته بكل انانية،و لذالك قررت مساعدته،فمن انا لأقوم بمنعه من هذا؟"

مسح جيسي العرق المترتب عن حرارة المكان من جبينه،و ملامح الحيرة و عدم الارتياح تهيمن على ملامحه،ليقول مباشرة"اذا حسب ما قلته،فنيكولاس قد توجه ناحية كاتوران للإنتقام"

ليرد عليه العجوز"بالضبط،و لهذا لدي احتمالان،واحد الاسوء و الثاني سيئ فقط،الاول انه خدعني لأصنع له الاسلحة و قام بقتلهم،لكني لا ارجح ذالك نظرا لأنني رأيته يقضي وقتا جيدا معهم كل الوقت،بالاضافة الا ان غضبه لا يمكن ان يولد فقط بتلك الفترة البسيطة،اما الخيار الاخر انهم يا قد ذهبو معه محاولين دعمه،او انه قد اخذهم معه بالقوة"

فور سماع جيسي لكلامه،تبخر اليأس من على مرأه،لتشعل شرارة الامل مجددا في قلبه المتعب،صارخا بنبرة حاسمة"الان اصبح مكانهم واضحا،و وجهتي قد حددت،سأذهب نحو الكاتوران"

نظر خالد نحوه في صدمة،قائلا بمزيج من القلق و الصدمة"مهلا مذا؟!،اتدرك مقدار الحمق التي قلته لتو؟،الطريق لوحده لذهاب اليهم يعتبر حكما بالموت،و ما ادراك بالذهاب اليهم الذي يعتبر حكما اخر بالموت!"

لتتم مقاطعته مباشرة من العجوز بنبرة حازمة،و الجدية و التقة منحوتة على ملامحه"فل تذهب جيسي...لقد سمعت ان احد المفقودين هو اخوك،لذالك لا تتردد و اذهب للبحث عنه"

هز جيسي رأسه في حزم،لينتلق راكضا خارج المكان.

مد خالد يده نحوه محاولا ايقافه،لكنه كان قد خرج بالفعل،اغمض خالد عينيه في حسرة قبل ان يلتف ناحية العجوز قائلا له بمزيج من الغضب و الاستغراب"لماذا تشجعه لذهاب ايها الاحمق؟!من بين الجميع انت ادرا بمدا خطورة هائلاء الهمج"

ليرد عليه الاخر بهدوء،في حين ما نهض من الكرسي منطلقا نحو الطاولة الحديدية"و كل من في العالم اعلم،كم شعور فقدان سيئ"

تنهد خالد بإستسلام قائلا"تبا لك ايها العجوز المجعد،لا بد انه قد وصل بالفعل لسيارته،لذالك دعنا ندردش قليلا"

في الجانب الاخر،كان جيسي يركض بين ازقة القرية،بعينين مليئتين بالجدية،متمسكا بأخر امل له.

"شكرا خالد،بفضلك اخيرا وجدت ما كنت ابحث عنه طيلة هذا الوقت"

اثناء تفكيره،فجأة ظهرت ميرا من امامه،راكضتا هي الاخرى متتبعتا اياه،لتقول مباشرة بنبرة قلقة"ايها الغبي اين كنت؟لقد بحدث عنك في كل مكان!"

ليرد عليه جيسي"الكاتوران،ايثان و البقية قد توجهو الا هناك"

ردت عليه ميرا في صدمة"ذهبو الا مذا؟!ما الذي جاء بهم الا هناك حتى؟!اانت متأكد من ما تقول؟"

رد عليها الاخر بكل تقة"سأشرح لك لاحقا،لكن الان لا يوجد وقت لنضيعه"

بعد مدة هينة من الركض،وصل كلاً من ميرا و جيسي للبوابة الرئيسية المدمرة،حيث كان الثلج يتساقط برفق، يغطي الأرض بطبقة بيضاء هشة تتكسر تحت أقدامهما.

عندما كان العاملون و المواطنون بالارجاء ينظرون ناحيتهم بإستغراب.

التفت ميرا ناحية احد العمال ثم قالت له بسرعة"اخبر ماركوس انني ذاهبة مع جيسي الا الكاتوران،لذالك المسؤولية على عاتقه الان،وداعا!"

خرج الثنائي خارج القرية،متوجهين ناحية سيارة جيسي بالجوار.

فور ركوبهم،قام جيسي بتشغيل السيارة،مستعدا للإنطلاق،عندما اطلقت ميرا تنهيدة متعبة، وفركت ذراعيها لتدفئتهما من البرد القارس.

لتقوم فجأة بتكبير شعررأسها،حتى غطا كل شبر من جسدها،زارعا الدفئ فيها.

نظر جيسي ناحيتها بإستغراب و انبهار،ليقول لها"تأكدي من وضع حزام الامان"

همهمت ميرا بالموافقة،واضعتا اياه مباشرة.

ليسئلها جيسي سئالا اخيرا"اوه صحيح!كدت انسى،ميرا انت تعرفين الطريق نحو الكاتوران صحيح؟"

اخرجت ميرا ذراعها من كومة الشعر مأشرتا بالموافقة،ليقوم جيسي بالتقدم باقصى سرعته،تاركا القرية ورائه، بغية استرجاع ما اعتبره اخوه.

في مكان اخر،عند مستعمرة الكاتوران...

كان هناك حارسان،واقفان امام البوابة الرئيسية،مرتديان دروعا حديدة،مزخرفة بألوان حمراء بالزوايا و بالمنتصف مرسومتا كعلم الكاتوران المعروف.

تنهد الحارس الاول بعصبية قائلا بضجر"لماذا يضعوننا نحرس البوابة حتى؟المكان عبارة عن ارض ميتة،لا يوجد اي كائن حي يمشي بالجوار حتى!"

ليرد عليه الحارس ثاني ضاحكا"من يعرف،قد يكون الملك مل مجددا،و قرر فقط ازعاجنا بقراراته"

التف الحارس الاول نحوه بمزيج من التوتر و الجدية هامسا اليه"هاي!اخفض صوتك و انت تتفوه بهذا الكلام،لا نريد ان يحدث لنا مثل هائلاء العبيد"

حرك الاخر يده ساخرا"لا تقلق،لن يتعب الملك نفسه للقدوم الينا حتى"

اثناء حديثهم،توقفو عن الكلام فور سماعهم لصوت سيارة تقترب للمكان،مركزين انظارهم ناحية السيارة المقتربة اليهم.

بادر الحارس الاول بالكلام""اوه انظر!لقد جاء مجمعي المياه اخيرا"

رد عليه الاخر"اجل انا اراهم،اتمنى لو انهم وجدو اي شيئ جيد غير الماء"

اكمل الحارسان حديثهما،متجاهلين السيارة التي كانت تقترب نحوهما اسرع من المعتاد اكثر فأكثر.

بعد ثوانٍ معدودة، التفت الحارس الأول إلى اليمين، متعجبًا من أن صوت السيارة أصبح أقرب مما ينبغي، وكأنها تندفع نحوهما بسرعة غير طبيعية.

و قبل ان تسنح له اي فرصة لرد الفعل،اصطدمت السيارة به بعنفٍ مروع، مكسرةً قفصه الصدري في ثوانٍ. تطايرت شظايا الدرع الحديدي الذي كان يرتديه، مختلطةً بدمائه التي رذاذها ملأ الهواء.

 في الوقت ذاته الحارس الثاني، تجمد في مكانه من هول الصدمة،غير مستوعب لما حدث لتو.

حاول الركض لكنه تعثر بسبب التلوج الكثيفة.

السيارة، التي لم تتباطأ،استمرت بالتقدم بكل سرعتها نحوه،لكنه تدحرج لليمين بأقصى قوته متجنبا الموت الوشيك.

بما تبقى له من قوة،نهض من على الارض،مخرجا ما يشبه صفارة صغيرة من حقيبة صغيرة كان يرتديها على خصره.

أمسك الصفارة بيد مرتجفة، ونفخ فيها بكل قوته، مطلقًا صوتًا حادًا يمزق سكون الأرض الميتة. كان الصوت إشارة إنذار للحراس الآخرين داخل المستعمرة.

اخذ الحارس نظرة اخيرة لسيارة بأعين مرعوبة،لتتوسع عيناه فجأة عندما وجد بندقية موجهتا ناحيته من الشباك الامامي لسيارة.

لتنطلق صوت طلقة مدوية بالارجاء،لينفجر الجزء الخلفي من رأس الحارس مباشرة،متناترتا اشلاء دماغه و دمائه بالبوابة من ورائه.

ليسقط ميتا على الارض.

تحت انظار حارس البوابة المرعوب،الذي شاهد كل شيئ من الالف الا الياء،من فتحة صغيرة بمنتصف البوابة.

مشاهدا السيارة تختفي من انظاره كأن شيئا لم يحدث.

ارتجف جسده وهو يحاول السيطرة على أنفاسه المتسارعة،حاول الصراخ لكن الخوف قد سيطر عليه،كل ما استطاع فعله هو الصبر الا حين قدوم الجنود لتولي الموقف.

بعد مرور 6 دقائق على الجريمة،سمع البواب اصوات خطوات تقترب من البوابة،التف بسرعة و في وجهه ملامح القلق و الرعب.

ليجد 4 جنود،كلهم يرتدون نفس دروع الحارسين،اثنان منهما يحملان درعا و سيفا،و الاثنان الاخران يحملان قوسا ميكانيكيا.

قال واحد من الجنود بنبرة متعالية من تحت خوذته الحديدية"يا بواب البوابين،اطلعني عن ما حدث"

تنهد البواب بتوتر ليبدأ بالكلام بكل حذر قاصصا كل ما حدث لهم بالتفصيل الممل.

بقي الجندي صامتا لعدة ثواني،ليقوم برفع يده ناحية البوابة قائلا بإنزعاج"افتح"

دون تضييع وقت،توجه البواب ناحية مقبض ميكانيكي،ساحبا اياه بصعوبة.

لتبدأ البوابة الضخمة بالانفتاح ببطئ تقيل،انفتحت البوابة الضخمة، مُصدرةً صريرًا معدنيًا يتردد صداه في الأرض القاحلة.

 تقدم الجنود الأربعة بخطواتٍ واثقة، بينما ظل البواب واقفًا في مكانه، يرتجف وهو يراقب تحركاتهم الحاسمة.

لتقابلهم جثث زملائهم المشوهة الملقية على الارض.

نزع احد الجنود خوذته في صدمة و حزن،فاتحا فمه قليلا بعدم استوعاب من ما رأه،قائلا بصوت ضعيف"بوبس...اريول...".

زفر احد الجنود،و القلق واضح على ملامحه"لا تخفضو حذركم قد يكون المجرم في اي مكان بالجوار"

في الوقت ذاته كان الجندي الاول ينظر ناحية الجثث بإشمئزاز و ازدراء،قائلا بكل عجرفة"يا لهم من اغبياء ضعفاء،لم يستطيعو حتى القيام بمهمتهم بشكل صحيح حتى،يا للعار"

التف احد الجنود اليه بإحتقار،لكن ملامحه كانت مستورة بسبب الخوذة،ليقول له بنبرة حذرة فيها احترام متصنع"ليست مشكلتهم بشكل كامل ايها القائد،انت تعرف لقد اخبرنا البواب انه تم الهجوم عليهم على غفلة،بالاضافة الا ان الدخيل يمتلك اسلحة متقدمة"

رد عليه الاخير،و في وجهه التعالي المفرط"هيه!لو كنت مكانهم لأخضعت الدخيل في رمشة عين،كل ما يحتاجه الامر طلقة بالسهم على عجلات سيارتهم،و هكذا سيبفقد السائق التحكم و يصطدم،, و انتهى الامر"

نظر الاخر له بإستسلام قائلا"انت محق،الامر سهل"

ليقاطعه احد الجنود كلامهم قائلا"هيا بسرعة فالدخيل لن ينتظرنا الا ان نصل اليه"

ليرد عليه الجندي النرجسي بنبرةٍ متعالية، وهو يعدّل درعه الحديدي المزخرف بتفاخر: "حسنًا، دعونا نُنهي هذه المهزلة بسرعة، لا يليق بأمثالنا أن نضيّع الوقت في ملاحقة دخيلٍ تافه،كوينتوس،ديكيموس،جايوس،لا تكونو عديمي الفائدة كهائلاء و انهو المهمة كما ينبغي"

_كوينتوس هو الذي كلمه لتو 

_ديكيموس هو الذي حزن على موت الاثنين

_جايوس هو الجندي الحاقد على النرجسي

تجمع الجنود مع بعضهم البعض،بعدما لاحظو اثار عجلات السيارة المحفورة على الطريق الجليدي،متتبعين دليلهم الوحيد ناحية المجرمين.

بالجانب الاخر من نفس المكان،كان نيكولاس و البقية خارج السيارة،متوقفين امام جدران المستعمرة العملاقة.

كانت جيني متكأتا على الحائط في فزع و رعب،واضعتا يدها على فمها محاولتا منع نفسها من التقي،وجهها شاحبٌ من هول المشهد.

غيرت انظارها ناحية السيارة المليئة بالدماء،لتبدأ مباشرةً بالتقيئ.

تقدم ايثان ناحيتها بأعين قلقة،محاولا الطمأنة عليها.

غيرت جيني انظارها ناحية ايثان هامستا له و التعب و التوتر يهيمن على صوتها"لا تقلق علي...انا فقط،غير معتادةٍ على هاته المناظر مثلكم،اسفة"

تغيرت ملامح ايثان لمزيج من الشفقة و التفهم،ليطبطب عليها لتخفيف عنها قليلا.

في الوقت زاته كان كلاً من نيكولاس و جوزيف امام احد الجدران.

وضع نيكولاس اذنه بالجدار مخبرا جوزيف"اللع*ة لقد قامو بتوسيع المكان عن اخر مرة،لا استطيع سماع سوا اصوات الخنازير"

اخذ جوزيف نفسا عميقا رادا عليه بنبرة غير مبالية"فقط انهي ما تقوم ايها المجنون"

قام نيكولاس بفتح الحقيبة التي احضرها سابقا،كاشفا عن مختلف الادوات.

_حبل طويل في نهايه خطاف معدني

_3 عبوات بنزين

_مسدس كهربائي

_عبوة من الورد

امعن جوزيف النظر الا محتويات الحقيبة،ثم ارجع انظاره ناحية نيكولاس مع عينين نصف مغمضتين تكشفان عن الحيرة قائلا بنوع من السخرية و التسائل"هل ستقوم بتهريب الورود ام مذا"

حدق نيكولاس ناحيته بإبتسامة خفيفة من السرور و التشويق"لا يا رجل،انها هدية لوالدتي،فأنا لم اراها منذ سنوات،اظن انها فكرة جيدة"

ليرد عليه الاخر بمزيج من الصدمة والتسليك"هممممم،حسنا يبدو جيدا"

فور انتهاء حديثهم،امسك نيكولاس بالخطاف المعدني،ليبدأ بلف حبل الخطاف الا ان وصل لسرعة المناسبة،ليقوم بكل مهارة و قوة برميه الا حافة الجدار العالي،انغرس الخطاف المعدني في الحجر بصوتٍ خافت، تاركًا الحبل يتأرجح قليلاً قبل أن يستقر.

شد الاخير الحبل عدة مرات بقوة متأكدا من استقراره ثم قام بإغلاق الحقيبة واضعا اياها على ضهره ثم قال موجها كلامه ناحية ايثان و جيني"اسمعى انتما الاثنان،سنتسلق انا و جوزيف الحبل اولا،فور وصولنا لنهاية،اريدكما ان تقوما بإمساك الحبل على حدة،و سنقوم بسحبكما لداخل،افهمتم"

حدقت جيني نحوه بعينين حمراوتين من شدة التقيئ،قائلتا له"اجل لقد فهمنا"

نيكولاس،بكل ثقة و استعداد،بدأ التسلق الأول، متمسكًا بالحبل بقوة بينما كان جوزيف يتبعه عن كثب، يراقب الجوار بحذر.

وصلا إلى حافة الجدار بعد جهدٍ كبير، حيث استقر نيكولاس أولاً ومد يده لمساعدة جوزيف.

 بمجرد أن استقرا، أشار نيكولاس إلى إيثان وجيني من الأعلى.

جيني، رغم وجهها الشاحب ويديها المترددتين، أمسكت بالحبل بمساعدة إيثان، الذي وقف خلفها ليمنحها الدعم.

بدأ نيكولاس وجوزيف بسحب الحبل بحركات متناسقة، رافعين جيني أولاً ببطء،حتى وصلت الا الاعلى،ليقوم جوزيف برمي الحبل مجددا ليستعمله ايثان.

امسك ايثان الحبل،و بدأ بالارتفاع شيئا فشيئا،و بسرعة فائقة سمع صراخ حاد على يمينهم"توقفو يا دعارة القوم!!!"

أدار ايثان رأسه ناحيته لجيد الجنود الاربعة قد وصلو اليهم.

امر الجندي النرجسي بقية الجنود قائلا"اقبضو عليهم بسرعة قبل ان يهربو"

صوب كلاً من جايوس و كوينتوس قوصيهما بتناغم ناحية ايثان،ليبدئو بإطلاق كل ما امكنهم من السهام.

في تلك اللحظة، أمسك إيثان بالحبل بقوة أكبر،متجاهلا كلام نيكولاس السابق،ليبدأ بالتسلق بنفسه خشيتا من ان يصاب.

بينما بدأ كلاً من نيكولاس و جوزيف بسحب الحبل بشكل اسرع و اقوى و القلق و الرعب متجزران في صدر جوزيف،في حين ما كان نيكولاس ينظر اليهم بكل حقد و نيران الغضب تشتعل في عينيه.

وصل ايثان الا بر الامان،رافعا نفسه بكل قوة اليهم،ليبتعد كل من جوزيف و نيكولاس من طريقه بسبب ضيق المساحة.

حاول الجنود اطلاق السهام عليهم،لكن المسافة الشاسعة بينهم كانت عائقا لهم.

هبط نيكولاس وجوزيف وإيثان وجيني بسرعة إلى الجانب الآخر من الجدار، حيث اختفوا خلف الظلال الكثيفة للمستعمرة.

في نفس الوقت،سحب الجندي النرجسي خوذته في غيض،قاذفا بها على الارض بكل عصبية،مظهرا شعره الاحمر الكتيف المتموج،ذو جبهة متوسطة الحجم،وعينين رماديتين،مع انف طويل و مستقيم،، بينما كانت شفتاه مشدودتين في خط غاضب، ليقول بعدها"يا كومة القذارة،الا تستطيعون التصويب حتى بشكل طبيعي على ذالك الابله،ما خطبكم بالضبط"

رد عليه جايوس و الغيض يسيطر على قلبه"لقد كانو بعيدين ايها القائد،لن نستطيع فعل شيئ لهم من تلك المسافة"

اقترب الجندي النرجسي نحوه بعصبية،ضاربا اياه على درعه الحديدي قائلا"اجل هذا كل ما تستطيعون فعله،الاعذار،توقف عن اختلاق الاعذار و قم بعملك بشكل صحيح"

ليرد عليه جايوس بنبرة غاضبة فاقدا صبره معه"اعذار؟نحن من نقوم بكل شيئ هنا ايها الاحمق المتعجرف،احاول ان اكون لطيفا لكنك لا تكف عن الكلام الفارغ،دون فعل شيئ يذكر!"

اشتعلت نيران الغضب في عينيهما و الكراهية في عينيهما،ليصرخ عليه الاخير بمزيج من التكبر و العصبية"يبدو ان لسانك قد اصبح اطول ايها الحقير،اظنك قد نسيت انني قد عينت القائد من الملك شخصيا،لذالك من الافضل لك ان تضهر بعض الاحترام"

رد جايوس دافعا الاخير بقوة"لو كان احد العبيد قائدا لكان افضل منك،و ايضا،لم تكن لتكون قائدا لولا مساعدتنا يا ناكر الجميل،فقط كونك وسيما قليلا ما جعلك تصبح قائدنا،أندرياس"

رد عليه اندرياس بإستهزاء و تكبر"كلامك هذا يظهر حقيقة انك تغار مني فقط،هههههه"

في حين استمر الشجار بالانشعال،كان كل من كوينتوس و ديكيموس ينظران اليهما في حسرة و استسلام.

الا ان نطق كوينتوس منبها لهما"توقفو عن اهدار الوقت،, فل نذهب للإمساك بهم قبل ان يقومو بأي شيئ"

ليتوقف الشجار بين أندرياس وجايوس،رامقين بعضهما البعض بنظرات متهجمة.

اعطى اندرياس لجايوس ضهره محاوال تجاهله قائلا"فل تتحركو يا عديمي الفائدة"

(نهاية الفصل)

طلب من مشاهدين الي جالسين يقرئو رواية.

اولا شكرا لكم(:

ثانيا ممكن تعليقات احس حالي اكتب فصول لحالي(:

More Chapters